كيف نكون قدوة لأبنائنا

كيف نكون قدوة لأبنائنا
كيف نكون قدوة لأبنائنا

حتى نكون قدوة: صفات يجب أن يمتلكها الأب والأم لبناء أسرة مترابطة وأبناء يُحتذى بهم





مقدمة

العلاقة الزوجية لا تقف عند حدود الشراكة بين رجل وامرأة، بل تمتد لتكون البيئة الأولى التي يتنفس منها الأطفال القيم، ويتشكل فيها وعيهم وسلوكهم. الأسرة ليست مكانًا للإعاشة فقط، بل هي المدرسة الأولى، والمأوى العاطفي، والقدوة اليومية. والأب والأم هما المعلمَان الأوائل، بصمتهما تُطبع شخصية الطفل، ومن علاقتهما ببعض تنشأ ملامح الأمان أو القلق، الاحترام أو الانكسار.


لماذا القدوة الوالدية مهمة؟

تقول الباحثة التربوية “ديانا بومريند” في نظريتها عن أنماط التربية:
“الطفل يتعلم عبر الملاحظة أكثر مما يتعلم من الأوامر.”

فالطفل الذي يرى والده يحترم أمه، ويتعامل معها بود، ويتخذ قراراته بحكمة، سيتعلم الاحترام والهدوء والمسؤولية.
والطفل الذي يرى أمه تحتضن أخطاءه بحنان، وتتعامل مع والده بلطف حتى عند الخلاف، سيتعلم التسامح والانضباط العاطفي.


الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الوالدان ليكونا قدوة حسنة ويبنيا أسرة متماسكة

1. الاحترام المتبادل

الاحترام هو حجر الزاوية في العلاقة الزوجية، وإذا غاب، تآكلت القيم التي نحاول غرسها في أبنائنا.

الأطفال لا يتعلمون الاحترام من الكلمات، بل من الطريقة التي يتحدث بها الأب لأمهم، والعكس.

💡دوركما:

  • لا تُهان الزوجة أمام الأطفال.

  • لا يُستخف بقرار الأب أو يسخر منه.

  • حتى في الخلاف، نخفض الصوت، ونؤجل النقاش.


 2. الاستقرار الانفعالي والهدوء

البيت ليس ساحة صراع. الاستقرار لا يعني غياب الخلاف، بل يعني إدارة الخلاف بعقلانية.

وفق دراسة في Child Development Journal، الأطفال الذين ينشأون في أسر دائمة الصراخ أو الانفصال العاطفي يعانون من قلق مزمن وضعف في مهارات التواصل.

💡دوركما:

  • لا تُستخدم مشاعر الطفل كسلاح.

  • تجنب إشراك الأبناء في خلافات الكبار.

  • قدموا نموذجًا في التحكم بالغضب.


 3. العدالة بين الأبناء

التمييز يدمر الثقة ويزرع الحقد، ويخلق شخصية مهزوزة تبحث عن إثبات ذاتها بطرق غير صحية.

💡دوركما:

  • الإنصاف في العطاء، الاهتمام، والفرص.

  • الاعتذار من الطفل إن شعر بالظلم.

  • تشجيع كل طفل حسب قدراته واهتماماته.


 4. تحمل المسؤولية المشتركة

البيت ليس مسؤولية الأم فقط، ولا التربية مسؤولية الأب فقط. الطفل الذي يرى والده يساعد في إعداد الطعام أو المذاكرة، لا يتعلم فقط المساعدة، بل يتعلم التواضع، والمشاركة، وأن الرجولة ليست تسلطًا.

تقول “Adler” في نظريته النفسية: “الأسرة المتوازنة هي التي يشعر فيها الطفل بأن كل عضو يملك قيمة.”

💡دوركما:

  • قسّموا الأدوار، حتى في التربية.

  • اجعلوا الأطفال يشاركون في المسؤوليات.


 5. التفاهم والتواصل الفعّال

الأبوان اللذان يتحدثان مع بعضهما بوضوح ومحبة، يعلّمان أبناءهما الحوار بدلاً من الصراخ، والتفاهم بدلاً من العدوانية.

💡دوركما:

  • خصصا وقتًا للحوار دون أجهزة.

  • تحدثا مع الأبناء عن المشاعر، لا فقط التعليمات.


العلاقة الزوجية... مرآة تربوية

الأبناء يراقبون أكثر مما نتصور. كيف تنظر الأم لزوجها؟ كيف يتحدث عنها؟ كيف يُتخذ القرار؟ هل هناك حب؟ تقدير؟ احتواء؟
كل هذه الملاحظات الصامتة تشكّل تصور الطفل عن العلاقات، وعن نفسه.

تشير منظمة اليونيسف في تقريرها (2020) إلى أن:
"الأسر التي تتمتع بترابط زوجي صحي تُنتج أطفالًا أكثر توازنًا نفسيًا وأداءً أكاديميًا أفضل."


رسالة للوالدين

أن تكونا قدوة لا يعني أن تكونا مثاليين، بل أن تكونا حقيقيين، واعيين، تنموان معًا، وتتعلمان من الأخطاء.
تذكّرا:

  • أول مدرسة يدخلها الطفل هي بيتكما.

  • أول درس في الحب، الأمان، الكرامة... يتعلمه منكما.

  • وأول من يقلده في الحديث، التعامل، والانفعال... أنتما.

كونوا الرفيقين في الطريق، لا الخصمين في ساحة التربية.
كونوا الأمان لبعضكما، ليكون البيت أمانًا لأبنائكما.


المراجع التربوية والعلمية:

  1. Diana Baumrind (1991). The Influence of Parenting Style on Adolescent Competence and Substance Use.

  2. UNICEF Report (2020). Parenting and Family Functioning.

  3. Adler, Alfred. Understanding Human Nature.

  4. Child Development Journal. Marital Conflict and Child Outcomes, Vol. 84, Issue 5, 2013.

  5. John Gottman, The Seven Principles for Making Marriage Work, 1999.

تعليقات

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة