إلى كل والد ووالدة: أنتم الأصل في غرس القيم لدى أبنائكم

إلى كل والد ووالدة: أنتم الأصل في غرس القيم لدى أبنائكم
إلى كل والد ووالدة: أنتم الأصل في غرس القيم لدى أبنائكم

 

إلى كل والد ووالدة: أنتم الأصل في غرس القيم لدى أبنائكم




أعزائي الأمهات والآباء،
دعوني أبدأ بسؤال بسيط لكنه عميق:
ما الذي تريدونه فعلًا لأبنائكم؟ أن يكونوا ناجحين؟ محبوبين؟ أقوياء؟ متفوقين؟ كل هذه أحلام مشروعة، لكن اسمحوا لي أن أقول لكم: لا قيمة للنجاح بلا قيم. ولا معنى للتفوق إن لم يرافقه خلق.

كل ما نغرسه في نفوس أطفالنا اليوم من صدق واحترام ورحمة، سنحصده غدًا في شكل أبناء أسوياء، أقوياء من الداخل، يعرفون الحق ويتبعونه حتى إن لم نكن بجوارهم.


 أنتم المؤثر الأول.. شئتم أم أبيتم

أبناؤكم لا يتعلمون من المحاضرات، بل منكم أنتم.
يتعلمون من نبرة صوتكم عندما تتعاملون مع بعضكم.
من رد فعلكم عند الغضب، من احترامكم للآخر، من طريقة تعاملكم مع الكبير والصغير.

"القدوة ليست وسيلة للتأثير، إنها الطريقة الوحيدة." – ألبرت شفايتزر

الأبحاث تقول إن أكثر من 70% من القيم يكتسبها الأطفال من تقليد الأهل وليس من التعليم المباشر (Journal of Moral Education, 2020).


💬 كيف تغرسون القيم في أبنائكم؟

دعوني أكون صريحة معكم: غرس القيم لا يحتاج وقتًا إضافيًا، بل نية واضحة ووعي تربوي بسيط. إليكم بعض الأدوات الفعالة:

 1. كونوا قدوة… لا مجرد موجهين

لا تطلب من ابنك أن يكون صادقًا، وأنت تكذب على الهاتف.
لا تطلبي من ابنتك احترام الآخرين، وأنت تسيئين للخادمة أو الجارة.

 2. اغتنموا المواقف اليومية

كل يوم يمر مليء بالفرص:
طفلك سأل لماذا الكاشير أعاد لنا مالًا زيادة؟ لحظة عظيمة لتعليمه الأمانة.
رأيتم مشهدًا في مسلسل؟ ناقشوه معه، ماذا تعني الشجاعة؟ ما هو العدل؟

 3. استخدموا القصص

القصة تدخل القلب بلا مقاومة.
اقرؤوا لأبنائكم قصص الصحابة، قصص الحكماء، أو حتى قصص من طفولتكم فيها مواقف أخلاقية.

في القرآن، استخدم الله عز وجل القصص لتعليم أعظم القيم: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}.

 4. لا تستخفوا بالحوار

اسألوا أبناءكم:
– "ما رأيك في هذا التصرف؟"
– "لو كنت مكانه، ماذا ستفعل؟"
هذا النوع من الحوار لا يعلّمهم القيم فحسب، بل يجعلهم يثقون فيكم ويعودون إليكم عند الحيرة.

 5. لا بأس إن أخطأوا

أطفالنا ليسوا ملائكة. قد يكذبون، قد يغضبون، قد يخطئون.
لكن المهم هو كيف نتعامل نحن مع هذا الخطأ. هل نصرخ؟ نهين؟ أم نوجه؟
التوجيه بحب يصنع ضميرًا، أما العقاب القاسي فقد يصنع خوفًا مؤقتًا فقط.


⚠️ احذروا المؤثرات الخارجية

نعلم جميعًا حجم التحديات:

  • يوتيوب، تيك توك، الألعاب، أصدقاء المدرسة...
    لكن تذكروا، المناعة القيمية تبدأ من البيت. الطفل القوي بالقيم سيختار الصحيح حتى لو سمع أو رأى ما يناقضه.

"القيم الراسخة في الصغر، هي البوصلة التي توجه الإنسان طوال حياته." – ستيفن كوفي


 النتيجة؟ أطفال بقيم = مستقبل آمن

طفلك الذي يتعلم الصدق اليوم، سيصبح الشاب الأمين الذي تثق فيه الناس غدًا.
ابنتك التي تغرسين فيها التعاطف، ستكون الأم الرحيمة والقائدة الواعية في المستقبل.

إن كنتم تريدون أبناءً أقوياء…
ازرعوا فيهم القيم.
وإن أردتم أبناءً محبوبين…
علموهم الاحترام والتواضع.
وإن أردتم أن تفخروا بهم…
كونوا أول من يمنحهم نموذجًا يحتذى.


 وأختم معكم بهذه القاعدة التربوية:

"القيم لا تُدرَّس… القيم تُعاش."


المراجع:

  1. Covey, Stephen. The 7 Habits of Highly Effective People, 1989.

  2. Journal of Moral Education, Vol. 45, Issue 2, 2020.

  3. د. عبد الكريم بكار، القيم الخلقية بين الأصالة والتجديد.

  4. Parenting for Lifelong Health, UNICEF, 2019.

  5. قرآن كريم، سورة يوسف، الآية 111.

تعليقات

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة