حين يعلو صوت الخلاف... ينكسر قلب صغير لا يُحسن التعبير

 حين يعلو صوت الخلاف... ينكسر قلب صغير لا يُحسن التعبير
حين يعلو صوت الخلاف... ينكسر قلب صغير لا يُحسن التعبير

 "حين يعلو صوت الخلاف... ينكسر قلب صغير لا يُحسن التعبير"


نسرين صبيح

في الزوايا الهادئة من كل بيت، يعيش طفل لا يملك من أدوات التعبير سوى نظرات صامتة وقلب يرتجف. وبين كل صرخة يطلقها أحد الوالدين، هناك نفس صغيرة تهتز، وشعور بالأمان يتلاشى.

إن تفاهم الوالدين ليس رفاهية أسرية، بل هو ركيزة أساسية في بناء شخصية الأبناء وتشكيل حالتهم النفسية والاجتماعية.

---

عندما يغيب التفاهم... يتكلم الصمت عن الألم

العلاقة بين الزوجين لا تقتصر على كونهما شريكين، بل هما قادة لسفينة اسمها "الأسرة". وعندما يختلّ هذا التوازن، ويسيطر الصراع على المشهد، يتحول البيت إلى ساحة معركة نفسية يُدفع ثمنها الأطفال.

لا شيء يُرعب الطفل أكثر من أن يرى والدَيه – مصدر أمانه – يتصارعان بالصوت، أو النظرات، أو حتى الصمت الثقيل.


تُشير دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA, 2018) إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بيئات أسرية مليئة بالصراعات والصراخ، يُظهرون معدلات أعلى من القلق، واضطرابات النوم، وضعف الأداء الأكاديمي، مقارنة بأقرانهم في أسر يسودها التفاهم.

---


الصراخ لا يُسمع بقدر ما يُخيف

عندما يعلو صوت الصراخ في البيت، لا يسمع الطفل الكلمات… بل يسمع الخوف، والتهديد، والانفصال. الصراخ لا يُصلح سلوكًا، بل يخلق طفلاً مرتبكًا، فاقدًا للثقة بنفسه، مشوشًا في فهم الحب، وربما ناقمًا على الحياة الأسرية بأكملها.


تقول منظمة اليونيسف في أحد تقاريرها:

"الأمان النفسي في المنزل هو حق من حقوق الطفل، والبيئة التي يسودها العنف اللفظي تترك ندوبًا طويلة الأمد في النفس لا تُمحى بسهولة."

---


التفاهم بين الوالدين... أمان نفسي للأبناء

حين يرى الطفل والديه يتحاوران، يتقبلان الاختلاف، ويتعاملان باحترام، يتعلم هو أيضًا أن الحب لا يعني الخلاف الدائم، وأن الاحترام لا يضيع بالاختلاف.

الجو الهادئ بين الأبوين هو مرآة ينظر فيها الأبناء فيرون أنفسهم جديرين بالأمان، والحب، والثقة.

وحتى في لحظات الخلاف، يمكن للهدوء والاحترام أن يُظهرا للطفل أن العلاقة لا تنهار بالخلاف، بل تقوى بالنضج والتفاهم.

---

خاتمة: هناك قلب صغير يتعلّم من كل كلمة تُقال


لا تنسَ – أيها الأب، أيتها الأم – أن طفلكم لا يتعلّم من ما تقولان له فقط، بل من كل تصرّف بينكما.

فكونا كما تتمنيان أن يكون هو: مُتفاهمًا، رحيمًا، هادئًا، متزنًا.

فبين الصراخ والتفاهم، هناك مستقبل يُرسم، فاختاروا لأبنائكم الطريق الذي يستحقونه.

---

المراجع:


1. American Psychological Association (APA). (2018). The impact of parental conflict on children's development.



2. UNICEF. (2020). Child protection from violence, exploitation and abuse.



3. Harvard University Center on the Developing Child. (2016). Toxic stress and brain development in early childhood.


تعليقات

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة